سجينة جبل العامرى بقلم ندا حسن
لم يكن ينوي فعلها ولم يتوجه إليها يوما ما منذ أن أصبح جبل الآن
مرة بعد مرة لا يستطيع التحكم في نفسه فيذهب سريعا من محيط مكانها يبتعد ليكون وحده غير قادرا على التحمل لقد اشتعلت شهواته مع النيران وطالبت بالرحمة والمغفرة وأن يعفو التي تتغنج أمامه كالغزال بخصلاتها السوداء الطويلة يصيبه باللعڼة لا يستطيع السيطرة على نفسه في حضرتها ولا يستطيع أن يتوقف عن التفكير في ذلك الأمر في غيابها ما الذي يقوله عن والدته فهي المتسبب الوحيد في كل ما يحدث هذا
الآن هو يريدها بكل جوارحه يريدها هي بالأخص فهي من ولدت أمامه واهتاج جسده ناحيتها فلا يريد غيرها ليكون موضع لكل آنه ألم تخرج منه
أمامه حل من الاثنين الأول أن ېقتل كل هذه المشاعر الجياشة داخله ويتحكم بنفسه وجسده ويعطيها ما لها عنده ويجعلها ترحل دون رجعه ويعود هو الآخر إلى وضعه الطبيعي ويمحي فكرة وجود النساء في حياته وفي هذه الحالة ستغضب والدته وتثور وتفعل ما لا يحمد عقباه وربما تقف فيما يفعل ولن تجعله ينجح أبدا ولن يستطيع قول شيء لها
وقفت أمامه في الصالون تنظر إليه بابتسامة مشرقة وهي تعتقد أنه استدعاها لأجل أن يقول لها أنه تم الانتهاء من إجراءات الميراث وستذهب! يا لها من طموحات وأحلام بسيطة ولكنها صعبة
المنال في حالتها
وضع يده الاثنين بجيب بنطاله الأبيض ووقف شامخا يبدو عليه أنه
مدام زينة أنا عايز اتجوزك
محت الابتسامة سريعا من على وجهها ونظرت إليه بذهول واستغراب بعد أن اتسعت عينيها عليه لقد قالها بمنتهى العنجهية والتكبر
وخرجت من بين شفتيه بنبرة ناهية وكأنه لا يطلب ذلك بل قرر أنه سيحدث
يتبع
رواية سجينة جبل العامري
للكاتبة ندا حسن
سجينة جبل العامري
ندا حسن
أنهارت حصونها ووقعت فريسة سهلة الصيد
بقيت صامتة تنظر إليه فقط بعيون متسعة مستغربة مما استمعت إليه منه لقد ألقى عليها صاعقة لم تكن مستعدة لمواجهتها أهو جن هل هو أحمق نعم مچنون وأحمق الاثنين معا من يفعل شيء كهذا يكون مچنون ومختل عقليا
هي زوجة شقيقه! كيف يفكر بها بهذه الطريقة كيف يرى أنها من الممكن أن توافق أن تكون زوجة رجل مثله غامض وغريب الأطوار
ولا تطالب بحق ليس لها وهو يملك الكثير والكثير لما قد يفعل ذلك
لما قد يفكر في زوجة أخيه زوجة له
حرك عينيه عليها ليحثها على الحديث بعد صمت طال بينهم حركت رأسها وعينيها هي الأخرى بطريقة عفوية مطالبة بالشرح أكثر من هذا
قولت عايز نتجوز
ابتسمت بسخرية وهي تضع يدها الاثنين أمام صدرها قائلة باستياء
وأنت بقى بتاخد رأيي ولا قررت
بادلها الابتسامة الساخرة وعلم مقصدها وفهم أن ما أراد أن يوصله إليها قد وصل فقال ببرود
أحب اسمع رأيك ده لو عندك
تنفست بعصبية وهي تبعد يدها إلى جوارها بعد أن استفزها حديثه وكأنه يقول أنه قرر بالفعل وسيستمع إلى كلماتها لمجرد الاستماع فقط
رأيي هو إني رافضة طلبك مرفوض
ابتسم وتقدم إلى الداخل أكثر ليقف قبالتها مباشرة ينظر إلى سحر عينيها الغاضب من طلبه ينظر إلى شراسة إمرأة مكبوتة داخلها لأنها تخاف من أن تخرجها في مكان لا أحد معها به وهي الحامي الوحيد لعائلتها
هتف ببساطة واستلذ بالحديث معها
هسيبك تفكري بس خدي بالك في الآخر كلامي هيتنفذ
تحولت نظرتها نحوه للڠضب الذي ظهر عليها فجأة وقالت بتهكم
ليه لوي دراع
أنا مبلويش دراع حد أنا بقطعه
ابتلعت غصة تكونت في حلقها وتابعت في تمثيل الشجاعة والڠضب تهتف
المفروض أخاف!
ابتسم ناظرا إليها وهو يقف أمامها لا يفصل بينهم إلا نسمات الهواء المارة
شيء يرجعلك
أيعتقد أنها سهلة المنال إلى هذه الدرجة لقد فكر في وجود إمرأة في حياته ولم يجد إلا هي! أو أنه لم يفكر من الأساس بل وجودها أمامه جعله يريدها ليفرغ بها شحنته المتكونة داخله هذا يظهر عليه بوضوح! إنه لا يستطيع اخفاءه
ابتلعت ريقها ورفعت يدها إلى صدرها مرة أخرى ووقفت أمامه شامخة معتدلة مثله بالضبط نظرت إليه بقوة دون خوف وخرجت الكلمات من فمها متتالية بمنتهى الثقة
جبل بيه أنا أرملة أخوك من خمس سنين كنت عايشة في بلد غريبة ولوحدي لأ وكمان مسؤولة عن بنتين معايا عدت عليا ظروف حلوة والۏحشة أضعاف مضاعفة ومر عليا الراجل الجدع واللي عينه زايغة ومليانه رغبة كدابة ناحيتي وأنت بقى مش حد غريب علشان أتكلم معاه أنت أخو يونس الله يرحمه اللي مش هيجي بعده أبدا
شعرت أنها تود أن تتحدث معه بهذه الطريقة بعد أن رأت تلك المشاعر بعيناه عليها أن تجعله يقف عند حده ويعلم أنها تستطيع حماية نفسها من أي شړ قد يكون معتقد أنه سيخيفها به
أنا بعرف أحمي نفسي كويس أوي وزي ما قولتلك عدا عليا كتير والۏحش منهم أكتر فأنا مبخافش ومبتهزش أنا السبب اللي جابني هنا أزمة مالية وإني عايزة بنتي تفضل عايشة في نفس المستوى اللي عيشها فيه أبوها فجيت أخد حقها وحقي مش جايه أخد حق حد
ابتسم باتساع وحرك رأسه بذهول لم يكن يعلم أنه ماكرة إلى هذه الدرجة لدرجة فهم ما الذي يريده منها أخرج يده اليمنى من جيب بنطاله ورفعها إلى وجنتها يحركها عليها برفق وطريقة غريبة قائلا ببرود
حلو إنك بتتكلمي دوغري يا مدام زينة بس أنا بردو هديكي فرصة تفكري ومش عايزك تنسي أبدا مين هو جبل العامري
مين هو جبل العامري كل اللي يخصني أخد حقي وأمشي ولا أكتر ولا أقل لكن اللي بتقوله ده جنان جواز ايه وبعدين هو أنا يوم ما أفكر اتجوز بعد يونس اتجوزك أنت!
كانت ترفع
عينيها للأعلى لتقابل عينيه المخيفة التي تسبب لها الرعشة بجسدها كلما رأتها
أوقعت بين يده أخطأت عندما أتت إلى هنا لتأخذ نصيب ابنتها وتضمن مستقبلها ستتحمل نتيجة خطأها وعدم الاستماع إلى زوجها يونس هل كان عليها أن تتسول ولا تأتي إلى هنا! إلى جزيرة العامري
انتشلت نفسها منه وعادت للخلف بقوة تنظر إليه بعيون يملأها الحقد تجاهه والندم لأنها أتت إلى هنا تخاف أن تكون هذه بدايتها
استدارت تعطيه ظهرها لقد صدمت منه ابتلعت كلماته
پخوف شديد لقد كان يونس معه كامل الحق يجب الإبتعاد عنه يجب أن تكون على بعد كافي من هذا الشخص ولكن كيف فهي أتت إلى هنا بمحض إرادتها
تنفست بعمق واستدارت إليه مرة أخرى
تنظر بجدية وحاولت ألا تظهر له خۏفها كي لا تكون فريسة سهلة الصيد وقالت بثقة وتأكيد
للمرة المليون هقول أنا جايه علشان أخد حقي أنا وبنتي وأمشي جواز مرفوض نهائي وياريت تنجز في حوار الميراث ده علشان نمشي
نظر إليها بابتسامة شامتة بها وبما حدث لها من تلبك وتوتر يظهر بوضوح على ملامحها وحديثها على الرغم من أنها تحاول أن تخفيه ولكن ليس هو من يخفى عليه أمرا
وضع يده في جيبه مرة أخرى وسار بهدوء إلى الخارج وبلا مبالاة متناهية وقال بنبرة هادئة
معاكي فرصة تفكري وهاخد منك الرد قريب يا غزال
خرج من الغرفة بمنتهى العجنهية والتكبر وهو يسير بخطوات ثابتة بطيئة
واثقا في كل ما يفعله يظهر إليها الشماتة بعد أن وجدها عادت للخلف خطوة متزعزة قوتها وفار ڠضبها إلى جوارها على الأرضية
يا له من حاكم لا مثيل له في هذه البلاد وقريبا سيعلن الأفراح ويأخذ ما أراد وينال من نظر إليه واشتهاه وكل هذا بسبب والدته
بقيت تنظر إليه بذهول كيف يمكنه أن يكون هكذا كيف يمكنه أن يهددها بهذه الطريقة لأنها رفضت هذه الزيجة رفضت حديثة ما الذي ينتظره لما لم يتحدث عن الميراث ماذا أن رفضت مرة أخرى
جلست على المقعد خلفها وبقيت تنظر في الفراغ وعقلها السلبي يأتي بها من هنا إلى هناك ويتحدث معها في أمور سلبية للغاية ولكن كان على حق كل ما أملاه عليها سيحدث لها أن رفضت الزواج منه
ما هذا الظلم الذي تمر به هنا وهناك أين العدل! ما هذة الحياة الظالمة! أتت لتأخذ مالها يرفض ذلك ويطلب الزواج منها!! يطمع في حقها! أم يطمع بها
ولكن على أي حال لن تتراجع عن ما أرادته ولن تعود إلى دبي إلا ومعها حقها وإن رفض ستقوم برفع دعوى قضائية ضده ولن توافق على أي زواج في هذا المكان المشؤوم الغير معروف له اسم حتى أنه لا يوجد على خريطة الدولة
تنهدت بصوت مسموع وهي تحمل همومها داخل قلبها لتقف على قدميها تتقدم إلى الخارج بعد أن أخذت منه أكبر صدمة بحياتها فهي الآن لا تعلم ما الذي يجب عليها التفكير به وهو شخص غريب لا تستطيع أن تحدد نتيجة أي ردة فعل منها
بعد أن قال الحارس ل طاهر أن بضاعتهم قد أصبحت على الجزيرة في مكانها المعروف أتت الشرطة ولم تجد شيء كان يعلم هو أين نقلهم جبل ولكن لم يكن من المفترض البوح بذلك إلى طاهر وإلا يكون كشف أمره وكما أراد هو حدث أنه يمسك الاثنين بيده واحدا من هنا والآخر من الناحية الأخرى
كان يتحدث عبر الهاتف مع طاهر الذي صاح بانفعال
بقولك ايه هو أنا أهبل قدامك علشان تضحك عليا
انفعل الآخر مثله وصاح بصوت عالي وهو يبتعد إلى خلف القصر
لأ مش أهبل يا طاهر وأنا عمري ما ضحكت عليك
استرد طاهر بتهكم وسخرية وهو يقلل منه لأنه لم يأتي إليه بالنفع أبدا
وعمرك بردو ما نفعتني يا حيلتها
أشار بيده بعصبية منفعلا وهو يجيب على حديثه الساخر منه
وأنا أعملك ايه جبل عرف أن الحكومة شادة عليه نقل البضاعة كلها ومنعرفش فين
تحدث الآخر بغيظ وانزعاج متسائلا بعصبية لأنه يعلم أنه ېكذب عليه
أهبل أنا ياض نقلهم إزاي وانتوا متعرفوش هو انتوا مش حرس عنده
ولا ايه
أتى بأخره بسبب حديثه الغير مقبول بالنسبة إليه فصاح بنفاذ صبر وقوة
بقولك ايه أنت يا طاهر أنا هكدب عليك ليه أنا لو مش عايز اشتغل معاك مش هتضربني على أيدي هو زي ما بقولك كده جبل نقل البضاعة من غير الحراس اعرفلك أنا منين هو نقلها فين
تحرك طاهر في الغرفة بعصبية وهو يصيح
وأنت لزمتك ايه ما تسأل أعرف دور وراه
تهكم الآخر عليه وتشدق قائلا
وأروح في شربة مايه علشانك أنت عارف جبل مبيرحمش
ابتسم وهو يتحرك قائلا بخبث ومكر ظهر في صوته
بس هيجي عندك ويرحم ولا أنت قليل عنده
احتدت نبرة الآخر بضراوة وهو يقول
طاهر بلاش تصطاد في المايه العكره
تحدث طاهر بحدة عندما نفذ صبره وهتف قائلا
ولا أنا عايز أخبار أعرف استفيد منها فاهم
لما يجد المستجد أبقى أقولك
أردف يرد بمكر
بس أنا سمعت جديد
ضيق عينيه وتسائل باستنكار
ايه وكلت غيري ولا ايه
قال بهدوء وجدية وهو يلعب بالكلمات ليزعجه
لأ أنا الجديد جه لحد عندي من غير ما اوكل حد اللي أنا وكلته خيخه
أردف مجيبا پاختناق وانزعاج منه ومن كثرة حديثه
طاهر الزمها
تسائل بجدية مضيقا عينيه ينتظر استماع الإجابة
مرات أخوه اللي ماټ موجودة في الجزيرة
اومأ وهو يحرك الهاتف إلى الأذن الأخرى قائلا بجدية
وبنته ومعاها أختها صاروخ أرض جو
سأله بفتور
أختها ولا هي
أجاب الآخر بضيق
أختها يا أبو مخ ضلم أختها
تسائل مرة أخرى بجدية أكثر يريد
معرفة الأمور الذي تحدث عندهم بدقة
ودول عايزين ايه ولا جايين ليه مش غريبة أنهم موجودين في الجزيرة
أجابه هو الآخر بفتور مثله ونبرة لا مبالية بحديثه
جايين زيارة علشان الحجه وجيدة تشوف البت الصغيرة وماشين
اومأ برأسه
اه قولتلي
كده
تابع بجدية شديدة يؤكد عليه أنه ينتظر منه المعلومات الكافية التي تبرد ناره من ناحية جبل
هستنى مكالمة منك تقولي فيها على الجديد الشديد اللي ينفعني بصحيح مش لعب عيال
رد الآخر بجدية
ماشي أعرفه وأقولك
ثم أغلق الهاتف دون حتى أن يستمع إلى باقي حديثه فقد مل منه وشعر بفوران الډماء في عروقه بسبب كثرة حديثه وإلحاحه عليه كل فترة صغيرة فقد طفح الكيل منه ومن طلباته التي لا تنتهي بخصوص الاڼتقام من جبل عن طريق أي خطأ يقع به لأن ذلك الأبلة لا يستطيع في أي شيء ليصيبه لأنه غبي ولا يستطيع التفكير والتدبير كما يفعل الآخر فقط يريد
أخذ مكانه في البلد ولا يفكر في عواقب ذلك عليه بعد أن يناله
سارت إسراء راكضة خلف وعد في حديقة المنزل الكبيرة والمكان الوحيد للخروج إليه من هذا القصر الكئيب فقد ملو الجلوس به وهم لم يكونوا معتادين على مثل هذه الجلسة
مش هسيبك همسكك يا عفريته
وقفت الطفلة على بعد منها وأخرجت لسانها بدلال وهي تقول برقة صاړخة
مش هتعرفي
ركضت ناحيتها سريعا بغيظ
طيب أنا هوريكي يا سوسه
استدارت وعد لكي تركض في الحديقة مبتعدة عنها ولكنها وجدت جسد صلب يقف أمامها لم تدري بوجوده إلا عندما صدمت رأسها بعمود من أعمدته
حيث أنها عندما الټفت لتذهب راكضة كان قدمية خلفها مباشرة فاصطدمت به
انحنى قليلا ورفعها على ذراعه ناظرا إليها بتمعن وجدية فاستمع إلى صوتها الرقيق وهي تسأله
أنت مين! نزلني
تابعها بابتسامة واسعة على شفتيه الغليظة ثم أردف بصوت حنون
أنا عاصم كنت صاحب بابا يونس
نظرت إليه بعينيها مدققة به ثم قالت ببراءة أطفال
بجد بس أنا عمري ما شوفتك
سألها مضيقا ما بين حاجبيه يركز عينيه عليها
وأنتي شوفتي صحاب بابا قبل كده
أومأت إليه بالإيجاب وهتفت قائلة بهدوء وهي تستند بيدها اليمنى على كتفه
آه عمو حمزة بس اللي صاحب بابا وكان بيجيلنا على طول
أكمل يوضح لها سبب عدم معرفتها به وعدم ذهابه إليهم
أنا كمان صاحبه بس أنا عايش هنا فمكنتش بجيلكم علشان كده
ضيقت عينيها بشكل طفولي وهي تضغط على شفتيها ثم قالت له بتسائل ظريف
أنت عاصم اللي خليت إسراء ټعيط
رفع بصره إلى إسراء التي كانت على بعد خطوات بسيطة منهم تستمع إلى حديثهم سويا تنظر إليه بخجل بعد