الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

مذاق العشق المر بقلم سلمى المصري

انت في الصفحة 33 من 66 صفحات

موقع أيام نيوز

يوثق وجوده حبهما للابد 
ترغب فى ان تجرب احساس جنينها وهو ينمو ويتكون فى رحمها 
تتمنى ان ترى ملامحها ويوسف وقد امتزجا في ملامح انسان واحد 
يوسف 
حبيبها وزوجها 
لم يتركها للحظة فى رحلتها تلك
تحمل كثيرا عصبيتها وحزنها ونوبات بكائها المستمرة بعد كل نتيجة سلبية لاختبار حمل 
كان بالمرصاد لكل من يحاول مضايقتها او التلويح لها بالأمر حتى أنه أخذ عهدا على أمه بعدم فتح الأمر مطلقا معها 
نظرت الى العصا من جديد وهى تتذكر اخر مرة جلست فيها بهذه الطريقة منذ عدة أشهر وقد حبست نفسها فى المرحاض بينما أخذ يوسف يطرق الباب پجنون وهو يهتف 
ايلينا لو مفتحتيش الباب أنا هكسره 
ارتجفت ونهضت لتفتح الباب ليتفاجىء بعينيها المتورمتين ووجها الذابل الذي سحبت منه الډماء فاختفت نضارته كادت ان تسقط فضمھا بسرعة اليه حتى أجلسها على طرف الفراش لتخبره في ألم وهي تمسح دموعها 
سلبي يا يوسف سلبي زي كل مرة 
مسح على شعرها في حنان كأن الأمر لايعنيه 
ولا يهمك العمر كله لسة قدامنا 
حررت صوتها بصعوبة من بين نحيبها 
أنا باخد العلاج في مواعيده وبنفذ كل الدكاترة بيقولوه ازاي لحد دلوقتي مفيش حمل 
وصمتت قليلا لتشهق مواصلة 
استغفر الله العظيم 
رفع وجهها واحتضنه بين كفيه هامسا في حب أصبح يغدقها عليها بلا حساب عله يخدر ألم خيبة أملها 
انتي عندي أهم من أي حاجة ايه عايزة تجيبيلي عزول يشاركنى فيكي أنا مش عاوز عيال خالص يا ستي 
انتزعت وجهها من بين كفيه في عڼف واضح اعتاد عليه في الفترة الاخيرة 
يعنى
ايه مش عايز عيال انت ازاي مش فارق معاك كدة 
تلك الحمقاء 
ألا تعرف أنه يحتاج هذا الطفل أكثر منها 
ألا تعرف انه لا يريد ان يسكن ابناءه رحما غير رحمها هي 
ربت على كتفها قائلا 
اهدى بس يا حبيبتى اهدى 
هتفت وهي تنهض في حدة 
طبعا لازم ميكونش فارق معاك ما المشكلة مش من عندك انت لسة عندك الفرصة لكن انا 
وقطعت كلماتها وهي تشهق بالبكاء مجددا فنهض محاولا تمالك اعصابه من اتهامها السخيف 
انا فرصتي الوحيدة معاكي انتي ولو عيالي مش منك مش عايز عيال خالص فهمتي ولا اقول تاني ثانيا احنا لسة صغيرين معجزناش والدكاترة قالو لو العلاج مجبش نتيجة هنلجأ للحقن المجهري وده فرص نجاحه عالية فليه الزعل ما اهو قدامك زين وسمر بقالهم سنتين هما كمان مشوفتش حد فيهم متأثر ولا حاجة 
قطبت حاجبيها في تفكير 
زين هذا لم يكلف خاطره حتى بعرض زوجته على طبيب 
بل تشعر احيانا انه سعيد بهذا الوضع كأنه عقاپ مناسب لنفسه جراء تخليه عن صوفيا 
ثلاث سنوات مرت تقريبا دون حتى ان تراه يبتسم وعلى النقيض كان يوسف معها بكل صبره واحتوائه يرافقها من عيادة طبيب الى اخر متحملا معها فشل كل المحاولات ومايتبعه من نوبات حزن واحباط لها كيف له ان يكون رائعا هكذا 
لقد ظلمته كثيرا وقست عليه ومنعت عنه حبها وحنانها وهى تدور فى فلك واحد تبحث فيه عن رباط قوى يجمعها به ولديها رباط لاسبيل لها الى الفكاك منه ابدا 
تنهدت فى عمق وهى تنظر اليه هامسة في حنان يحمل كثيرا من الاعتذار 
يوسف انا بحبك اوى سامحنى ارجوك 
ابتسم وهو يميل اليها في خبث 
انتى واخدة بالك بتنطقى اسمى ازاى 
اخفضت رأسها فى خجل فقهقه عاليا وهو يجذبها اليه قائلا في عبث 
انتى اللى جبتيه لنفسك 
انتفضت على صوت دقات الباب لتعود من افكارها وجملته السابقة تتكرر 
افتحى يا ايلينا بدل ما اكسر الباب 
مررت يدها فى شعرها في عڼف لاتريد لهذا المشهد ان يتكرر من جديد فرغم انتهائه المرة الماضية بجرعات حنان زائدة تلقتها بسخاء بين ذراعيه الا أن خيبة الامل التى اعترتها وقتها ليست على استعداد لتذوق مرارتها من جديد 
نهضت فى تثاقل لتفتح الباب وحين رآها هتف فى قلق 
تانى يا ايلينا احنا مش قولنا متعمليهوش غير لما اجى 
نظر الى وجهها الذابل فتوقع ان تكون النتيجة ككل مرة ولكنها لحقته بهمسها القلق 
انا مبصتش فيه 
ونظرت تجاهه بسرعة لتتجاوزه جالسة على الفراش فى تهالك 
بالفعل لن يمكنها تكرار التجربة من جديد 
لن يمكنها رؤية نفس النتيجة ككل مرة 
لن يمكنها ان تشعر بعجزها القاټل كل يوم 
لحظات وعاد اليها جلس على طرف الفراش الى جوارها فلم ترفع رأسها اليه 
شعرت به يمسح على شعرها فى حنان وهو يطبع قبلة حانية عليه 
ابتسمت فى سخرية اذن النتيجة كالمعتاد فرد الفعل المشفق المتعاطف كما هو والموقف يتكرر بحذافيره وبذات القبلة المواسية 
حاولت كبح دموعها وعدم اعادة المشهد الدرامى بكل تفاصيله 
يوسف انا بجد تعبت ومش هروح لاى دكتور تانى كلهم بيكدبو عليا عشان ياخدو فلوس وخلاص 
رفع رأسها اليه وقال بابتسامة 
تعبتى ازاى بقا ده احنا لسة فى اول الطريق 
نهضت فى تعب لتواصل 
انا بجد تعبت ومش قادرة اكمل والحرية ليك فى اللى جاى انا مش هلومك فى حاجة لو عايز وازدردت غصة مؤلمة فى حلقها تحاول ان تنطق بالعبارة بصعوبة وبصوت متقطع اخرجتها 
لو عايز تتجوز من حقك 
اشاح بوجهه للحظات قبل ان يتنهد فى عمق ويواجهها من جديد قائلا 
انا فعلا هتجوز 
وقبل ان ترسم اى انفعال على وجهها سارع يخبرها في سعادة بالغة 
عشان انتى هتنشغلى بالبيبى اللى فى بطنك ده وهتنسينى 
اتسع ثغرها فى ذهول فضمھا على الفور وهو يقول بينما يمسد بيده على بطنها 
مبروك يا احلى مامى فى الدنيا 
انتزعت نفسها من بين ذراعيه وعلامات ذهولها لم تختفى بعد تشبثت بكتفيه لتقاوم عدم احساسها بالأرض تحت قدميها اغمضت عينيها بقوة وفتحتهما لتتأكد أنها ليست قيد أحلامها المستمرة تلعثم صوتها وهي تسأل في حذر 
انت قولت ايه 
واضافت وهى تضع يدها على صدرها تقاوم تنفسها السريع 
انت مش بتهزر يا يوسف صح 
وهتفت وهى تضع كفيها على بطنها في رفق 
انا فعلا حامل 
هز رأسه وهو يلتقط كفيها ويقبلهما فى حنان لمعت عيناه لسعادتها لابتسامتها الحبيبة الى قلبه التي عادت غير مشوبة بحزن او احباط 
ايوة يا حبيبتى مظبوط انتى حامل 
مررت يدها فى شعرها وهى تجىء وتذهب فى عشوائية قائلة فى ارتباك 
لا انا مش مصدقة 
هرعت الى المرحاض من جديد لتبحث عن اختبار الحمل نظرت اليه بحدقتين اتسعتا كأنها ارادت احتوائه بداخلهما لتصدق 
اخذته بين يديها وخرجت اليه من جديد وهى تضحك پبكاء وتبكى بضحك وتصرخ 
انا حامل يا يوسف انا حامل اخيرا هشيل ابنك جوايا 
بدأت بالقفز كالأطفال فهرع اليها ممسكا كتفيها في قلق 
اهدى بس اهدى انتى كنتى حامل يا حبيبتى بس بعد عرض الايروبكس ده الله اعلم 
احتضنته بقوة وهى تردد 
بحبك يا يوسف بحبك بحبك 
انحنى ليحملها برفق وضعها على الفراش فى هدوء وقال متصنعا الجدية 
يلا بقا نستعد للحبتين بتوع الافلام متتحركيش من مكانك خالص واللى انت عايزاه هيجيلك
راحة تامة ثم راحة تامة 
وحك جبهته بيده ليضيف 
نسيت حاجة ولا كدة خلاص 
اعتدلت وهي تخبره في حماس 
احنا باليل ان شاء الله نروح لدكتور وهنشوف هيقول ايه ودلوقتى اتفضل اسبقنى على تحت زمانهم مستنينا على الغدا وانا هكلم صوفيا افرحها وارجعلك 
حاول ان يتمالك نفسه من السعادة وهو على مائدة الغداء مع اسرته اخذ يعبث بمحتويات طبقه وينظر الى السلم كل لحظة فى انتظار حضورها ليعلنا للجميع نبأ قرب قدوم الحفيد الاول لعائلة البدرى الذي يتكون الان فى رحمها 
لاحظت سميرة ارتباكه فنظرت الى محمود الذى كان بدوره يتابعه فى دهشة بينما زين على هدوئه المعتاد فى الفترة الاخيرة او بالأدق على حزنه التى كانت سميرة دوما تشعر به منذ ان تزوج سمر ولا تعرف ابدا سبب له فلم ترغمه على الزواج من سمر ولم يرغمه ابوه 
هل لازال يعانى اعراض انسحاب تلك الشقراء من حياته حتى الان 
لم يعد يشاركهم احاديثهم ولا لهوهم كالمعتاد كان يكتفى بابتسمات خاوية حزينة لينسحب بعدها من المكان بأسره الى وحدته التى آثر اللجوء اليها 
اما ابوه فكان يعلم جيدا ما يعيشه ولده 
يعلم ماعاناه على يديه ولم يتوقع ابدا ان يظل قابعا فى حزنه طيلة هذا الوقت 
لم يتوقع ان يطول حزنه للدرجة التى تمنى فيها لو دفعه ليتزوج بصوفيا دفعا ان كان فى هذا سعادته ولكنه كان يبتعد ويبتعد حتى انه ترك العمل فى مجموعة البدري ليبدأ مشروعه الخاص 
مصنع صغير أسسه مع صديقه 
لم يستطع ابوه وقتها ان يعترض فلقد اعترض بما يكفى وبذلك اصبح ابناء البدرى كل منهم فى طريق فحسام قد اصبحت له شركته الخاصة التى تحقق نجاحات متتالية وزين بمصنعه الذى ينمو على يديه ويحقق ارباحا لابأس بها ويوسف وحده اصبح من يدير هذا الصرح الكبير رغم محاولاته الدائمة لاعادة زين انتبه الجميع على صوت ايلينا وهى تقول 
السلام عليكم 
رد الجميع تحيتها قبل ان تتخذ مجلسها الى جوار يوسف الذى نظر اليها فى حب فابتسمت له فى حزن لم يعرف له مبرر 
لم يحتمل ان يخفى سعادته اكثر فامسك بشوكة وطرق بها على الطبق قائلا 
يا قوم اسمعونى عند ليكو خبر حلو اوى 
الټفت له الجميع فى اهتمام فواصل بعد ان امسك بكف ايلينا وقبل باطنه 
قريب اوى ان شاء الله هيشرف ولى العهد اول حفيد لعيلة البدرى 
شهقت سميرة وهى تضع يدها على ثغرها في سعادة بينما رفع محمود نظره الى الاعلى وهو يتمتم بالشكر لله والأسرع كان زين الذى اندفع الى شقيقه محتضنا اياه في حنان 
مبروك يا يوسف 
ومال ناحية ايلينا 
الف مبروك يا ايلينا ربنا يتمملك على خير 
نظر يوسف الى امه مضيقا عينيه من علامات الصدمة التى لازالت تكسوها ليداعبها 
ايه يا ست الكل مفيش مبروك 
رفعت سميرة يديها من على ثغرها وحاولت النطق ولكن دموعها المنسابة منعتها فاقترب يوسف ليقبل كفها قائلا 
ايه يا ست الكل نفرح نعيط نزعل نعيط 
ضمته اليها وصوتها يتهدج من دموع السعادة التي تحجزها خلف جفنها بصعوبة 
واخيرا يا يوسف هشوف عيالك 
واطلقته من بين ذراعيها لتنظر الى ايلينا وتضيف 
مبروك يا
ايلينا 
بدت ايلينا شاردة تماما فناداها يوسف لتنتفض وترد مباركة سميرة 
الله يبارك فيكى يا ماما 
التفتت سميرة الى زين وقالت 
عقبالك يا حبيبى 
نظر زين الى سمر فى سخرية والى والده فى لوم قبل ان يعود الى والدته قائلا في روتينية واضحة 
ان شاء الله يا ماما 
اما يوسف فنظر الى ايلينا يسألها فى قلق 
ايه مالك يا ايلينا وشك متغير ليه 
مسحت وجهها بيديها وهي تقول 
اصل كلمت صوفيا عشان ابلغها وافرحها بس وصمتت وهى تخفض رأسها فانطلق لسان زين دون تفكير كأنه تحدث بصوت قلبه وبلغته 
مالها صوفيا يا ايلينا 
الټفت له الجميع فى دهشة وخاصة سمر التى احمر وجهها بشدة وهى ترمقه فى غيظ اما ايلينا فلم تدهش لرد فعله فهى متأكدة من انه لازال يحمل فى قلبه لصوفيا كل الحب تنهدت فى حزن وهي تبسط كفيها أمامها 
هيا كويسة بس والدتها توفت 
تمتم الجميع فى حزن 
لاحول ولا قوة الا بالله 
التفتت ايلينا الى

يوسف وهى تمسك بكفه راجية 
انا
32  33  34 

انت في الصفحة 33 من 66 صفحات